Monday, July 9, 2012

ثنائية تسكُـــع - 1







تمهيد :
عندما شاهدت ثنائية (Before Sunrise - Before Sunset) وقعت في غرام "فكرة" الفيلمين .. أن تقضي ما يتعدى الساعة و النصف - للفيلم الواحد - في متابعة حالة حوارية دون أية أحداث قوية أو دراما سينمائية لهو أمرٌ مميز قطعًا. مجرد حوارات تلقائية تمامًا عن الحب و الحياة، عنهما و عن أي منا. صورة سينمائية بسيطة يغلفها سحر فيينا و باريس مع تسكع (سيلين) و (جيسي) ..



البداية : Before Sunrise



حتمًا كان مقدرًا لهما أن يلتقيا، أن يتشاركا حوارًا عابرًا في قطار، ثم فكرة مجنونة في أن يقضيا يومًا كاملاً في التسكع بين طرقات (فيينا).. 
يقول جيسي:
"طيب، طيب. فكري كده: نطي لقدام عشرة و لا عشرين سنة، أوكي ؟ إنتي دلوقتي متجوزة، بس جوازك مابقاش فيه الطاقة اللي كانت زمان. و إنتي بدأتي تلومي جوزك، هاتبدأي تفكري بقى في كل الشبان اللي قابلتيهم في حياتك و في إيه كان ممكن يحصل لو اخترتي واحد منهم يبقى جوزك .. تمام ؟ أنا بقى واحد من الشبان دول. فكري بقى في الموضوع كأنه "رحلة عبر الزمن" ! كأنك رجعتي لـ "دلوقتي" علشان تكتشفي إيه اللي فاتك. اللي هايحصل دلوقتي ده خدمة عظيمة ليكي و لجوزك المستقبلي علشان تعرفي إن مفيش حاجة فاتتك فعلاً ! أنا مجرد فاشل زيي زيه، ماعنديش طموح لحاجة، ممل جداً، و إنتي فعلاً اختارتي صح و هاتبقي أسعد مع جوزك .."

هكذا تبدأ المغامرة. مغامرة تلقائية بسيطة في الطرقات المزدحمة، الحدائق الخاوية، على طاولة مقهى يدخلانه للمرة الأولى و الأخيرة، و (بار) يتسولان منه زجاجة خمر و يسرقان كأسين فارغين..

سر الفيلم هو خلوه من أي حبكة سينمائية معتادة. لا توجد أحداث تصيبك بالملل أو بالترقب، لا دراما حقيقية أو خيانات. فقط حوارات مدهشة جال مثلها في رأسك و ربما تمنيت أن تتشاركها مع شخص غريب تمامًا عنك، بلا أحكام مسبقة أو مجاملات فارغة. فقط بهجة الحقيقة الخالية من الرتوش..


في يومهما الوحيد يلتقيان بفنان متجوّل، بقارئة كف، يصنعا مكالمة هاتفية خيالية كلٍ مع صديقه المقرب يتبادلا خلالها إنطباعاتهما عن الآخر، يتلقيان بشاعرٍ شاب يقرأ عليهما قصائده، تحدثه عن جدتها، و يحدثها عن والديه..
جدير بالذكر أن مخرج الفيلم ريتشارد لينكلايتر هو كاتبه جنبًا إلى جنب مع الكاتبة كيم كريزان و التي لم تكتب سوى هذا الفيلم !!




هذا المشهد بالأخص من مشاهد الفيلم المفضلة لي. أدرك أنه تكرر في أفلام كثيرة، لكن حين تتابع الفيلم من بدايته تدرك أنه هنا يختلف، بلا إفتعال أو إقحام. هذان الشابان يلتقيان للمرة الأولى، و نظراتهما تلك هي إنجذاب تلقائي و فضول يحاولان إخفاءه بأن ينظر كلاهما بعيداً حتى لا يلحظ رفيقه أنه كان ينظر إليه.




" أنا دايمًا واقعة تحت ضغط أنى أبقى أيقونة نسوية قوية ومستقلة، ومن غير ما أخلى حياتى كلها تلف حوالين راجل. بس إنى أحب واتحب من حد دى ليها معنى كبير أوى عندى ! إحنا دايما بنتريّـق على الموضوع ده وحركات. بس هوّ مش كل حاجة بنعملها فى حياتنا هىَّ طريقة لأننا نتحب أكتر شوية؟ "



" لما أنت كنت اتكلمت من شوية عن إزاى بعد كام سنة أى اتنين مع بعض بيبدءوا يكرهوا بعض، بأنهم يتوقعوا ردود فعل بعض، أو يزهقوا من طرق بعض. أظن إن الموضوع هايبقى العكس معايا. أظن إنى هاكون بحب بجد فعلاً لما أعرف كل حاجة عن الحد اللى معايا. الطريقة اللى هايسرّح بيها شعره. هايلبس أنهى تي شيرت النهاردة. إنى أعرف بالظبط القصة اللى هايقولها فى موقف معين. أنا متأكدة إنى ساعتها هابقى عرفت إنى بحب بجد. "



حان موعد الرحيل مع شروق شمس اليوم الجديد. على عتبة القطار الذي يحمل (سيلين) من فيينا إلى باريس حيث تودع يومها المميز و ذلك الأمريكي الذي رافقها خلاله..
لقد اتفقا على ألا يتبادلا أية معلومات شخصية، لا شئ أكثر من اسميهما الأولين، و وعد باللقاء بعد ستة أشهر بالضبط على عتبة نفس القطار.
تتشابك الأيدي رافضة رحيل القطار و يتبادلا قبلات متعجلة يحاولا أن يبقيا فيها ذكرى اليوم المنصرم.. ثم يرحل القطار ..


قد لا تحب (إيثان هوك) و ربما تجد (جولي دلبي) شخصية سمجة، لكنك في هذا الفيلم لن يمكنك إلا أن تحقد عليهما و تحبهما في آن واحد. كلاهما كان في دوره المثالي و تألقه الذي لم يتكرر حتى في الجزء الثاني من الفيلم. (إيثان) بنظراته الطفولية و شعره المنكوش و الشغف في عينيه. (جولي) بملامح الطفلة و حدة الشابة التي تجاهد حتى لا تتقولب في قوالب الأنثى المعتادة، إنجليزيتها ذات اللكنة الفرنسية الجذابة و بساطة ملابسها..
هذا الثنائي ببساطة هو الثنائي السينمائي المفضّل لي و لن أتوقف عن تمني فرصة أن أقضي يومًا كيومهما..

الترجمة العاميّة مقتبسة عن صديقي العزيز و أول من قدم لي الفيلمين محمد بلتاجي و الذي لن يوفيه الشكر حقه عن كل تلك المتع التي منحتها لي ترشيحاته السينمائية ..

شكر واجب لرفيقة التدوين إسراء بكر التي شجعتني على الكتابة مجدداً و كتبت عن لغتنا المستحدثة


لقراءة التدوينة الثانية عن Before Sunset  اضغط هنــــــــــــــا

3 comments:

  1. أذكر أنني منذ ثلاث سنوات شاهدة الدقائق الاولى في هذا الفيلم شرعت أنه مختلف جدا, لكن لسبب ما-خارج عن إرادتي- لم أستطع إكماله, ومرت السنوات الثلاثة دون أن أستطيع إكمال القصة لأنني لم أعرف اسما لفيلم للبحث عنه.


    بجد جيتي في وقتك جددددددددددددددا ..ب قالي كام يوم بادور على فيلم من النوع ده وأخويا عمال يجيب لي أفلام عجيبة ومش فاهمني :)

    ReplyDelete
  2. عمالة ادور ع المقطوعة الموسيقية مش لاقياها .. انتي حاطاها فين؟!!

    بجد جامدة جدا, وخلفية موسيقية عبقرية للتدوينة دي

    ReplyDelete
  3. واحد من أفلامي المفضلة .. وقراية تدوينتك عنه ممتعة جدًا كمان .. وكذلك الترجمة العامية .. معبرة أكتر بكتير من الفصحى .. كل حاجة في الفيلم ده .. تفاصيله الصغيرة وحواراته وحتى الكتابة عنه ممتعة :))
    الموسيقى تحفة بالمناسبة.. قاعدة بدور عليها في الصفحة مش لقياها :(

    ملحوظة: اتفقوا يتقابلوا بعد 6 شهور مش سنة .. كونسنتريت ماي دير :p

    ReplyDelete