Tuesday, July 10, 2012

ثنائية تسكُـــع - 2




النهاية: Before Sunset

هذا الجزء أكثر قتامة و كآبة عن Before Sunrise و لذا وجب التنويه ..
ها قد مرت تسع سنوات.. نذكر أن آخر مرة قابلنا فيها (جيسي) و (سيلين) كانت على عتبة القطار الذي يحمل (سيلين) من فيينا إلى باريس حيث تودع يومها المميز و ذلك الأمريكي الذي رافقها خلاله..
لقد اتفقا على ألا يتبادلا أية معلومات شخصية، لا شئ أكثر من اسميهما الأولين، و وعد باللقاء بعد ستة أشهر بالضبط على عتبة نفس القطار.
تتشابك الأيدي رافضة رحيل القطار و يتبادلا قبلات متعجلة يحاولا أن يبقيا فيها ذكرى اليوم المنصرم.. ثم يرحل القطار ..

كان اللقاء بعد عام، لكن مرت تسع و ها هو (جيسي) في باريس كاتب روائي شهير يروّج لروايته الجديدة التي تحمل تفاصيل لقاء شاب أمريكي بفتاة فرنسية في فيينا و ما مرا به خلال يومٍ واحد.


- هو الكتاب ده سيرة ذاتية ؟
- هممم .. هو ... بصراحة ... مش كل حاجة في الآخر سيرتنا الذاتية ؟ 

المصادفة وحدها حملت (سيلين) لذات المكتبة التي فيها حفل التوقيع قبل فترة، هكذا ذهبت سيلين لترى (جيسي) بعد تسعة أعوام كاملة. ساعات قليلة تفصلهما عن موعد طائرة (جيسي) فيقررا أن يمضيها في التسكع في طرقات باريس.
كلاهما يبدو أكبر في العمر. (جيسي) يبدو أكثر نحافة، أكثر إرهاقًا و كأنه يحمل على كتفيه عبء عشرات الأعوام. في حين تبدو (سيلين) أكثر قلقًا، أكثر سخطًا و عصبية. تبحث عن الشابين الحالمين المغامرين اللذين التقيتهما في Before Sunrise  فلا تجدهما.
لكنك أمام نفس الشغف بالحوار، كلاهما يحكي للآخر كيف مرت تلك الأعوام بعد لقاءهما الذي لم يتم !
عاد (جيسي) إلى أمريكا و تزوج صديقته و أنجب طفلاً يتحمل من أجله برود و مشاكل زواجه، في حين تعمل (سيلين) في مجال الحفاظ على البيئة، قضت أعوامًا في أمريكا للدراسة، و ربما مرت من أمام مقهى جلس فيه (جيسي) و زوجته و لم ير أيًا منهما الآخر..



- في الشهور اللي قبل جوازي علطول كنت بأفكر فيكي طول الوقت ! يعني حتى و أنا في العربية اللي رايحة الفرح واحد من صحابي كان بيسوق، و أنا متنّح برة الشباك و بيتهيألي كأني شفتك في مكان قريب من الكنيسة.. صح ؟ كنتي ماسكة شمسية و بتمشي ناحية مطعم على ناصية شارع تلتاشر و برودواي. أنا افتكرت إني اتجننت، بس دلوقتي بأفكر إنها ممكن تكون بجد إنتي !!
- أنا كنت عايشة على ناصية شارع حداشر و برودواي !
- شفتي بقى ؟

كثيرٌ من الذكريات، بعض الشجار، نقاشات حادة عن الحب و الحياة مجدداً، لكنها هذه المرة بعد تجارب عصفت بكيان كلاً منهما. يفكرا و نفكر : كيف غيّر لقاءهما و عدم لقائهما بعده بعام في حياة كليهما ؟ 

- تفتكر كانت إيه فرص إننا نتقابل تاني ؟
- بعد ديسمبر اللي ماجيتيش فيه كنت بأقول تقريباً صفر. بس إحنا أصلاً مش ناس حقيقيين صح ؟ إحنا عاملين كده زي .. هممم .. زي ما نكون شخصيات في حلم ست عجوزة على فراش الموت، بتتخيل إنها كانت في شبابها زينا، و علشان ده حلم فطبيعي ممكن نتقابل تاني.



- الرجالة بيخرجوا معايا، و بعدين ينفصلوا عني و يتجوزوا ! بعدين خالص بقى يتصلوا يشكروني علشان علمتهم إيه هو الحب !! علشان علمتهم إزاي يهتموا و يحترموا المرأة.
- متهيألي أنا واحد من الرجالة دول.
- أنا عايزة أقتلهم ! ليه ماحدش منهم طلب مني الجواز ؟ أنا كنت هارفض، بس على الأقل حد منهم كان يتقدم !!



- إحنا بس عايشين عاملين نفسنا متجوزين وشايلين المسئولية، كل الأفكار دى اللى إزاى المفروض الناس تعيش. بس أنا بتجيلى أحلام كده، عارفة، إن أنا واقف على رصيف محطة، وانتى قاعدة تعدى عليا بالقطر، وتعدى عليا، وتعدى عليا، وتعدى عليا، لحد ما اصحى بسح عرق، وبيجيلى برضه حلم تانى، اللى أنتِ فيه... حامل، ونايمة جنبى على السرير، وببقى هاموت وألمسك، بس أنت تقوليلى بلاش.. وبعدها تبصى بعيد... وأنا... أنا.. ألمسك برضه وخلاص على كاحلك وبشرتك بتكون ناعمة أوى لحد ما اصحى وانا بتنهّد.. وألاقى مراتى قاعدة هناك بتبص عليا، وأنا حاسس إنى بعيد عنها بمليون ميل. وكنت عارف إن فيه حاجة غلط. إن أنا... يا ربى، إنى مش عارف أفضل عايش كده.. إن أكيد الحب فيه حاجة أكتر من مجرد الالتزام. بس بعد كده بفكر إنى ممكن أكون يأست من فكرة الحب الرومانسى دى على بعضها. إنى ممكن أكون نيّمتها.. فى اليوم اللى ماكنتيش موجودة فيه. أظن إن ده اللى أنا عملته.


يختتم الفيلم بـ (سيلين) تدندن مع (نينا سيمون) و هي تعد الشاي لـ (جيسي) الذي يتجاهل حقيقة أن موعد الطائرة سيفوته ليبقى مع (سيلين).. و يترك لخيالنا تصوّر النهاية !
هل سيبقى (جيسي) مع (سيلين) ليعوضا ما فاتهما ؟ هل سيلحق بالطائرة التالية ؟
سيريحنا الثنائي من التساؤل قريبًا مع صدور أخبار عن جزء ثالث للفيلم، و رغم أنني أتوجس من الرقم "ثلاثة" في الأفلام إلا أنني يحدوني الأمل في أن يكون الفيلم بجودة سابقيه..


جدير بالذكر أن فيلم Before Sunset  يحمل الكثير من الحوارات المرتجلة التي بدأت تلقائيًا بين (إيثان هوك) و (جولي ديلبي) حتى أن اسميهما كان إلى جانب اسم المخرج ريتشارد (لينكلايتر) ككتّاب للسيناريو ..


لقراءة التدوينة الأولى عن Before Sunrise  اضغط هنــــــــــــــا

No comments:

Post a Comment